اليهودية و الصهيونية

المقصود بـ: بني إسرائيل؟
هم بنو إسرائيل الذين آمنوا بالله عز و جل و تبعوا موسى عليه السلام.

أولا: من هو إسرائيل؟ و من هم بنوه؟
إسرائيل هو نبي الله يعقوب عليه السلام, الذي عاش في في القرون السادس و السابع عشر قبل الميلاد تقريبا.
و من ذريته (بنوه) "الأسباط" و هم: ١- دان, ٢- نفتالي, ٣- جاد, ٤- عشير، ٥- روبين, ٦- شمعون, ٧- لاوي, ٨- يهوذا, ٩- ياساكر, ١٠- وبولون,١١- يوسف -عليه السلام-,١٢- بنيامين. *١
اثنا عشر ابنا (سبطا), و منهم تفرعت سلالة بني إسرائيل.
كانوا يعيشون في مصر, و بعد ٤٥٠ سنة تقريبا بعث نبي الله موسى عليه السلام فخلصهم من ظلم فرعون كما هو مذكور في القرآن الكريم.
و بعد ما حصل مع موسى و بعد عقاب الله لهم و توبته عليهم, جمعهم الله سبحانه في دولة تحت حكم نبي الله سليمان عليه السلام ل"مملكة إسرائيل", ثم بعد وفاته عام ٩٢٨ ق.م تقريبا انقسمت الدولة اليهودية (التي كان الشعب فيها مكونا في الأغلب على بني إسرائيل) إلى قسمين:

دولة: إسرائيل (و سميت كذلك بإفرايم و السامرة في التوراة) في الشمال.
و دولة: يهوذا في الجنوب.

كان يتكون شعب إسرائيل الشمالية من أحفاد عشرة من أبناء يعقوب عليه السلام, و أما دولة يهوذا فكانت يتكون شعبها من اثنين من أحفاد أبناء يعقوب عليه السلام. و كان بين الدولتين حروب عظيمة, و عداوة شديدة.
و انتشر فيهما الفساد بكل أشكاله, حتى وصلتهم بهم أنهم ارتدوا إلى الوثنية! و لكن تلك الفترة انتهت بغزو الآشوريين لدولة إسرائيل (الدولة الشمالية) بأمر ملك الآشوريين تغلث فلاسر الثالث عام٧٢٤ ق.م تقريبا و سبي الشعب كاملا إلى آشور. و بذلك عشرة أسباط لم يعودوا يهودا, بل ذابوا وسط الحضارة الآشورية، و تم ذلك بسرعة كبيرة.

بقيت المملكة الجنوبية يهوذا, و هي استمرت بعد مماثلتها قرابة القرن و النصف, و لكن كانت تنتظرها نهاية لا تقل سوءا عن قرينتها... حيث غزاها الملك البابلي و دمرها شر تدمير عام ٥٨٧ ق.م تقريبا, و قتل منهم الشيء الكثر و سبي منهم جمع غفير, و استقر حكمها تحت يده و يد بابل, و لكن مملكة يهوذا ثارت عليه بعدها مرتين, في المرة الأولى انقلبت الثورة عليهم و سبي منهم الكثير, و المرة الثانية كانت نهايتهم, حيث دمرت بابل القدس و سبت معظم شعبها المتبقي إلى بابل.
و لكن بعد فترة عاد عدد قليل من اليهود إلى فلسطين بعد سيطرة الفرس على بابل, و لكن الأغلب بقي في بابل, فاضطر العائدون إلى تهويد أناس من أعراق مختلفة حتى لا يكونوا أقلية و تضيع اليهودية.
و في عهد البطالمة استولوا على مملكة يهوذا و بقايا اليهود فيها و قاوموا من فيها من اليهود, فقام البطالمة بسبي عدد ضخم من اليهود و إرسالهم إلى مصر.

و من بقي تعرضوا للسبي الرومان بعدها بفترة عام ٧٠ م ١٣٥ م تقريبا, فبذلك تشتت اليهود المختلطين بين الأمم, و ذابوا بينهم, منهم من حافظ على دينه, و منهم من دان بغيره.*٢

و نستطيع القول أن معظم بني إسرائيل الآن يدينون بديانة الإسلام, و منهم عرب و منهم قبائل البشتون في أفغانستان *٣,  و هم مسلمون سنة.
هل يوجد يهود من سلالة بني إسرائيل الآن؟ نعم, و لكن أعدادهم لا تكاد تذكر.

لذلك حتى الدعوى التي استخدمتها المتصهيونيين التي تقول: أن الله سبحانه وعدهم بأرض فلسطين -مع أنه استدلال ثبت بطلانه- فسنقول له: و أين هم بني إسرائيل؟ لأن الأرض لهم فقط.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*١: genesis 32، سورة المائدة ١٢.
*٢: موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية-عبدالوهاب المسيري ج٤،
*٣: The Lost Tribes And The Saxons Of The East And Of The West: With New Views Of Buddhism (1861).






الصهيونية:

ماهي الصهيونية؟ هي حركة سياسية في العصر الحديث تطالب بإعادة توطين اليهود في فلسطين باعتبارها أرض الميعاد لحل المسألة اليهودية.

و هي حركة علمانية *١ ظهرت في أوروبا في القرن السادس عشر؛ فهي علمانية من حيث أنها حركة قومية, باعتبار أن اليهود قوم و ليس دين, مع أنهم مختلفون في العرق, و اللغة, و المناصب الاجتماعية, و كل ذلك, و أنهم يستخدمون أساليب سياسية عصرية, مثل: المفاوضات, و المناورات, و العنف العسكري.
و كانت حركة يائسة في ربط الواقع اليهودي مع الرؤية الصهيونية.

و يرى الصهاينة أن انبعاث الصهيونية على صورة حركة سياسية يعود إلى المذابح في روسيا عام ١٨٨١, و حادثة دريفوس عام ١٨٩٤, و ظهور المعاداة السامية في ألمانيا عام ١٨٧٠ و النمسا في ١٨٩٠, و كذلك الأفكار البروتستانتية القائلة بضرورة عودة اليهود إلى أصلهم حتى يتم الخلاص.

و الصهيونية كانت تحتوي على عدد كبير من غير اليهود لأسباب دينية, و سياسية, و إقتصادية.

ظهور هرتزل هو الذي غير من مجريات الأمور بشكل حاسم, حيث تحول الخطاب إلى خطاب توجيهي و تنفيذي للخطط السابقة, و طرح خطط جديدة و تنفيذها.*٢

من هو هرتزل؟ هو تيودور هرتزل, يهودي من غرب أوروبا, و هو يهودي غير يهودي؛ بمعنى أنه ملحد*٣, كل ما يحمله من اليهودية هو الإسم و الدم.
فكان يتواصل مه اليهود الشرقيين بصفته يهودي, و مع العالم الغربي بصفته غربي.


فبدأت الصهيونية في عهده عن البحث عن داعم لهم من الدول الكبرى.

كان هدف الصهيونية الصريح و الأسمى هو الحصول على أرض فلسطين, بأي طريقة كانت. 

و لكن نلاحظ أن معظم اليهود فضلوا الهجرة و استيطان الولايات المتحدة الأمريكية على فلسطين ما بين عام ١٨٤٠ و ١٩٤٢, حيث كانت الهجرة إلى أمريكا تعادل ٢،٨٠١،٨٩٠, و الهجرة إلى فلسطين ٣٧٨،٩٥٦, و هذا ما يعادل ٠،١٣٥ عندما نقارن الهجرة إلى فلسطين بالهجرة إلى أمريكا, و هذا يدل على رغبة بعض اليهود في الحياة حيث تيسرت, و إلتزام بعضهم بإنتظار المخلص للعودة.*٤

ما الفرق بين النظرة اليهودية لأرض فلسطين و النظرة الصهيونية لها؟

النظرة اليهودية بصورة عامة هي إنتظار رجوع المخلص للعودة لفلسطين, و أن على كل يهودي "العودة" بمعنى التوبة, و بذلك يكونون جاهزين لإستقبال المخلص الذي سيعيدهم إلى أرض الميعاد.

و أما الصهيونية بصورة عامة هي "العودة" بمعناها المادي إلى أرض الميعاد للتجهيز لإستقبال المخلص, الذي سيشرع لهم الأمر و يقودهم.
فمن الممكن القول أن الصهيونية تلاعبت بالكلمات, و استدلت بالأحداث التاريخية لصالحها, لأن اليهودية تعتبر الأحداث توجيه من الاله يستسقى منه الأحكام بحكم أنهم تحت رعاية الاله, فكل حدث هو علامة لهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*١: Chaim Chassas, in the newspaper of the Zionist's, Ha'Arutz, 1943.
*٢: موسوعة المفاهيم و المصطلحات الصهيونية- عبدالوهاب المسيري و سوسن حسين.
*٣: the diary of Hertzel.
*٤: موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية جـ٢- عبدالوهاب المسيري.



فالصهيونية حولت:
 نفي بأمر الاله ثم انتظار الماشيح -المخلص- ثم مقدم الماشيح بإذن الاله ثم عودة تحت قيادته.
إلى:
نفي ثم عودة مجموعة من اليهود (عودة مادية) للإعداد لقدوم الماشيح ثم عودة تحت قيادته.

فهل نستطيع القول أن دولة إسرائيل الحالية هي عمل يهودي؟ لا, بل هي عمل صهيوني استخدم اليهودية.


و قد اكتسحت الصهيونية يهود العالم حتى أصبح من الصعب على الدارسين أو حتى على اليهود أنفسهم التفريق بينهما, و لوسائل الإعلام دور هائلا في ذلك.







حال اليهود في الدول الإسلامية:
كان الفتح الإسلامي في مصر و في الأندلس تحسين أوضاع عظيم لليهود فيهما, لأنهم كانوا أقليات منبوذة في حكم حكامها, و بعد الفتح الإسلامي كانوا يعيشون حياة هانئة دون نبذ, كان في مصر أوقات الفتح الإسلامي حوالي ٤٠-٧٠ ألف يهودي.

و هاجر عدد كبير من اليهود من اسبانيا بعد سقوط الأندلس إلى الدولة العثمانية عام ٩١٣هـ, و هجرات من البرتغال كذلك, و استقبلتهم الدولة العثمانية كرعايا, و قدمت لهم بيئة خصبة بدل الاضطهاد الذي كانوا يعيشونه.
و يعد جوزيف هامون أحد اليهود الذين أبدعوا في ظل الحكم العثماني, كان الطبيب الخاص للسطان بايزيد الثاني ومن بعده السلطان سليم الأول وكان يتواجد بجانب هؤلاء السلاطين في كل معاركهم، وبينما كان عائدا من معركة فلسطين-سوريا مرض وتوفى عن عمر يناهز ٦٨ عام.

في الأندلس أيضا، كانت هناك مشاركة واسعة لليهود والنصارى في أمور الحكم والإدارة، أحد أهم الأمثلة على ذلك يأتينا من حالة الوزير اليهودي صموئيل اللاوي بن يوسف، الذي اشتهر بلقبه ابن نغريلة.*١
صموئيل الذي كان يعيش في عصر ملوك الطوائف الأندلسيين في القرن الخامس الهجري/ العاشر الميلادي، كان معروفاً بشتى المواهب والمهارات والعلوم.
فقد كان كاتباً بارعاً وشاعراً مجيداً بالإضافة إلى ملكاته العسكرية ودرايته بعلوم النحو والفلك وخبرته الواسعة بالتلمود وتفاصيل الشريعة اليهودية.
كل تلك المهارات، استوقفت حاكم غرناطة حبوس بن ماكسن، فقام بتعيينه في عام ٤١٠هـ/١٠١٩ م، على جمع الضرائب، وترقى بعدها في الوظائف حتى أصبح أحد الوزراء المقدمين.

في عام ٥٢٩هـ/١١٣٥ م، وفي قرطبة، حاضرة الدولة الإسلامية في الأندلس، ولد موسى بن ميمون لعائلة يهودية كبيرة ذائعة الصيت والشهرة في شمال إفريقيا.
ابن ميمون، الذي يعتبره قطاع كبير من اليهود الأن، أهم شخصية يهودية عاشت في العصور الوسطى، قضى فترة قصيرة في الأندلس، ثم انتقل للإقامة في فاس، ولم يمكث فيها كثيراً، بل انتقل بعدها إلى المشرق الإسلامي فزار فلسطين ثم استقر بشكل نهائي في مصر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*١: اليهود و اليهودية و الصهيونية جـ٤- عبدالوهاب المسيري.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في الساعة الثالثة والثانية والثلاثين دقيقة صباحًا

وميض

ما أشبه النهايات بالبدايات