المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠٢٤

ابنة الملوك اقتيدت أمَةً لأقبح قومه

لطالما كان المال يبذل لأجل الفن، فتجد السلاطين والملوك يدفعون الأموال الطائلة لتحصيل قطعة فنية، أو لقاء قصيدة حوت ذروة الفن. وهذا - من رأي أفقر الورى - نابع عن طبيعة الفن، وهي تجسيد الجمال، والجمال أمر عسير الضبط فهو حاله حال الحب أمر ضروري في الإنسان، يداهمك حين يداهمك. أفلاطون؛ أي أرستوكليس بن أرستون - وألف نعم - بنى نظرته للوجود على فكرة عالم المُثُل، ومفادها بإيجاز كلها خلل أن أصول الموجودات متعالية عن المادة مجردة عنها، وكل ما نشاهده من محسوسات ما هو إلا انعكاسات للمُثُل، بل حتى تجليات المعاني غير المحسوسة من جمال وحب وعدل وشجاعة وغيرها. وفي سلك هذه الدعوى [=أي دعوى عالم المُثُل] يفصح أفلاطون في محاورة المأدبة أن الجمال هو أشد المثل ظهورا وانكشافًا للعيان، وظهوره هذا يقصد به حصول معنى الجمال في النفس عند شهود بعض المحسوسات. ثم يزيد أفلاطون في محاورة فايدروس بما يفيد أن الجمال هو الباعث في البشر للتعالي على العالم المحسوس وطلب عالم المثل؛ ذلك لأن الجمال يجذب الإنسان عنوة، ومع سطوته العظيمة هذه فإنه لا يمكن وصف ما جعل الجميل جميلًا. هذا الدافع الفطري دعا البشرية أن تبذل الغالي والنف

قبيلة الفقهاء والأدباء والظرفاء

يدندن معشر الأطباء بكل سخف وسذاجة أن الإنسان يولد مرة واحدة فقط! وهذا قول لا يصدر إلا عن أعور لا يرى إلا القشور. ولو أردت تعريف الإنسان تعريفًا لقلت أنه: مخلوق متعدد الحيوات. ولكل واحدة منها ولادة ووفاة، وهذا الموضوع مما يستحق أن يطال فيه النفس لاستخراج درره ويواقيته. ولكن حسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق. منذ ولادتي - في حياة من حيواتي - وجدتني نهمًا لاقتناء الكتب، أتكلف في ذلك أشد الصعوبات رغم عسر الظروف مادّيّها وغيره، فمعارض الكتاب كانت عندي عيدًا بحق! يسبقها ما يسبق العيد من التجهز والاهتمام لأمر المال، وفيها نلتقي بالأحبة والأصحاب، وبعدها نفرح بما عدنا به ونحزن لمن فارقناه. ثم زاد الأمر إلى السفر أسفارا محلية قصيرة وأخرى خارجية طويلة لاقتناء ما لذ وطاب من الكتب، وأخيرا على مر السنين وبعد كل هذا تكونت عندي مكتبة جيدة لطيفة، فيها تنوع لا بأس به، ومختارات في شتى العلوم والحمدلله. من يقرأ إلى هنا سيتساءل أي علم حصّله كاتب هذه السطور بعدما جمع وأوعى؟ وفي أي ضروب العلم ألف ودرس؟ والحقيقة المرّة أنني خالِ الوفاض حقا لا تواضعا باردا، لم أقرأ ربع ما اقتنيت، ولم أحط بربع ما قرأت. أبعد كل هذ

في الساعة الثالثة والثانية والثلاثين دقيقة صباحًا

في الساعة الثالثة والثانية والثلاثين دقيقة صباحًا         بوح أدبي، قد يغلب فيه البوح فتصدق أحداثه، وقد يغلب فيه الأدب فترسم خيالاته، فلا تسل عن صدقه بل اطلب مشاعره فهي غاية الأدباء ومنتهى كل حال ومآل. ولعل الكاتب كتب ما يكتب استشفاء فلا تستغرب منه إطالة مكتوبه ونثر همومه. ...   وحشة المرء تحثه لاقتفاء آثار ما يألف، ألا ترى السقيم يستشفي بتراب وطنه، وليس قول الشاعر:   (وَلَا بُدَّ فِي أَسْفَارِنَا مِنْ قَبِيصَةٍ   مِنَ التُّرْبِ نُسْقَاهَا لِحُبِّ الْمَوَالِدِ) عن قولنا ببعيد. ومع وحشة ضارية - سببها مسطور آخر المكتوب - كالوحوش استحثتني لاقتفاء أثري باحثا عن أثري، وجدتني أقبلت على مرتع لي أيام الصبا والصبابة، حيث كانت الهموم مني سخيفة والآلام علي خفيفة، شواطئ العروس التي تشفي من يستشفي وتزيد من يستزيد. ظللت أتلمس البقاع، علني أقف على موطن الأنس والإمتاع، فما اهتديت إلى شيء! غريب عني هذا المكان، حاولت اقتفاء الأثر بالاسم عله يدلني على موطن الرسم، فإذا الأسماء أول ما غُيّر! وقفت مشدوهًا! ألا ليتني شاعرًا فأرثي حالي عند فقد الطلل، كما كان أجدادي يرثون قبلي الطلل! زمان يوحش، لا طلل أبكيه، و