وميض

 

قيل قديمًا "أشأم من طويس" بيانًا لشدة الشؤم، وفي حالتي فيصح أن يقال: "أكأب من وميض"، أنا وميض.

 

أكتب لكم اليوم قصتي مستعجلًا قبل أن تغلبني الكآبة واليأس فيخرّ عزمي ويتفلت قلمي.

 

وميض، اسم سمّاني إياه والدي متفائلًا بوميض البروق الواشية بالمطر والخيرات، اسم على مسمى، لطالما كانت حياتي عبارة عن ومضات، ومضة تلو الأخرى، حالي كحال السماء الممطرة، سواد قاتم تتخلله بعض الومضات، ولكن لأنني ابتليت بكوني إنسانًا فإن كل ومضة تقبل أتمسك بها وأخالها ستدوم ولكأنها الشمس بعد انقشاع الغيوم، ثم ما إن ألفظ مظلتي وأفتح نافذتي مستقبلا أشعة الشمس التي أمِلتُها إلا لأفاجأ بأن الظلام الدامس حل مجددًا.

 

مقدمة تبعث على الكآبة، نعم بلا ريب، فكما يقول المثل -الذي ابتكرته أنا-: "أكأب من وميض". ثمانية وعشرين عامًا مضت، نبدأها من الطفولة.

 

 

...

 

عندما كنت في الحادية عشر من عمري بدأت رحلتي مع فرط التفكير، كان سؤال مثل: ما هي مادتك المفضلة يثير حيرتي وأظل أتأمل فيه لأسابيع حتى أصل لجواب مقنع لنفسي أولا ولغيري، ولكن مشكلة فرط التفكير ليست هنا، بل في أن مفرطي التفكير يعيشون الأحداث التي تمر عابرة ألف مرة، كل مرة يتجرعون ما فيها من مشاعر.

 

كانت جدتي سلمى تحبني وأحبها بشدة، كنت حفيدها المفضل -أو هكذا كنت أحب أن أعتقد على الأقل- لم تكن كثيرة الكلام كباقي الجدات، ولم تكن تظهر مشاعرها مثلهم كذلك، ولكنني كنت أجد في هذا سلواني، فحالها حالي. كانت قليلة الكلام كثيفة المعاني، كنا نجلس بالساعات ولا يجري بيننا إلا حوارات مقتضبة تدعونا للتفكير لبقية الوقت، مرة قالت لي: "وميض، هل تشعر بالوحدة؟"

أجبتها: "لا، فلدي الكثير من الأصدقاء في المدرسة، هل تشعرين أنتِ بالوحدة يا جدتي؟

 

ردت: "نعم، أنا وحيدة لأبعد ما يكون"

 

سألت: "كيف ذلك وأنتِ محاطة بأبنائك وأحفادك بل وحتى أبناء أحفادك؟"

 

"الوحدة يا وميض هي ندرة المشترك، وأشد الوحشة هي عندما تنكفئ على نفسك لتفرّد ما تمر به، أن تخلو بنفسك وشبحك مقيم بين الناس... يبعث فارق العمر على ذلك، لأن أقرانك ممن شهدوا مشاعر الحياة معك، فمعرفة الأحداث لا تكفي لبناء المشترك، بل لابد من الشعور بها، هي سنة الحياة يا وميض، الانعزال في بداية العمر لعجزك عن فهم غيرك، وفي آخره لعجز غيرك عن فهمك." بعد هذا الحوار بأشهر ماتت جدتي... وانتقلنا بعدها من القرية، وتشاجرت في أول أسبوع في المدرسة الجديدة، لأنني وجدت زملائي لا يكترثون لموت جدتي على خلاف أهل القرية، وقتها شعرت بالوحدة يا جدتي.

 

انتقال والدي بعد وفاة أمه كان بداية لرحلة طويلة من الأحداث التي سنمر بها، والدي كان يعمل محاسبًا لشركة مواد غذائية فتحت فرعًا صغيرًا في قريتنا، في القرية كان والدي لا يجارى في مهاراته، فقد درس في المدينة وتعلم أصول المحاسبة في الجامعة! ولكن بعد أن انتقلنا تجرع والدي من كأس لم يذقها من قبل، كأس الفشل والهزيمة، بعد أن عاش والدي أربعة عشر عامًا من النجاح والتميز في القرية، أن يرجوه كل أصحاب المتاجر والقرويين أن يساعدهم في حساباتهم، اليوم في المدينة يغلبه شبّان للتو تخرجوا من الجامعة!

 

تغيرت شخصية والدي، وتعكر مزاجه، علامات الانكسار بادية على وجهه، لقد هزمته المدينة... حتى بعد أن اضطر أن يبيع أرضنا في القرية وجد أن قيمتها لا تعادل إلا شقة ضيقة مهترئة في المدينة. أنا في المدينة تغيرت كذلك، هنا المعلمون لا يكترثون لنا، ليسوا أصدقاءنا مثل معلمي القرية، صحيح أنهم لا يضربوننا مثل معلمي القرية. ولكنني أتذكر موقفًا حصل مع معلم اللغة في المدينة فقد أتعبته معي لتدني مستواي الدراسي، وفي مرة من المرات بعد أن أعاد لي الشرح مرتين ولم أفهم نظر فيّ نظرة خاطفة ولكنها كانت قاسية وباردة! شعرت أنه يكرهني فعلًا، لعل تلك المرة كانت بداية تعلمي للكراهية. ليتني سمعت ما تقول جدتي عن الكراهية.

 

...

 

في السادسة عشر من عمري كبرت، وتغيرت وجهتي ومقصودي، أعني بذلك ليلى، ولا أقصد بها ليلى الشعراء بل هي ليلى ابنة الجيران الحسناء، كانت تكبرني بعامين، كنت دائما أراها تحمل كتابا في يدها تقرأ منه، وهذا ما أتاح لي الحملقة إلى وجهها والتمعن في بديع محاسنها، حاولت أن أختلق معها حديثًا أو اثنين ولكنني اكتشفت صعوبة ذلك لقلة المشترك بيننا.

 

بدأت بالقراءة حتى أعجبها، وأول ما تناولته كتب المحاسبة الخاصة بوالدي، والتي اشتراها قبل أن يفقد الأمل في أن يواكب محاسبي المدينة، ولكنني لم أفهم منها شيئا طبعا، ثم استجمعت ما لدي من شجاعة لأدخل المكتبة العامة في حيّنا وصدمت وقتها صدمة ما زلت أتذكرها إلى يومي هذا، صدمت بوجود كل هذه الكتب! قسم كامل للفيزياء وآخر للكيمياء وثالث للغة وغيرها، أما كان يكفيهم كتاب من كتب المدرسة؟! وهل سندرس هذه كلها؟ كنت أظن أننا وبختامنا للمرحلة الثانوية سنختم كل علم قد أتينا عليه، نظريا على الأقل.

 

وسط ذهولي دعاني قيّم المكتبة المسن، لبيت دعوته ووقفت أمامه مشدوهًا من كل تلك الكتب، سألني: "ماذا تريد يا بني؟"، أجبته: "هل تسمح لي يا عمي بأن أسألك سؤالًا قبل إفصاحي عما أريد؟" وبما أنني كنت ما زلت نصف قروي وقتها فقد كان خطابي لقيم المكتبة كله احترام وإجلال لكبر سنه وعلمه، "تفضل" قال لي بعد أن أولاني كامل اهتمامه ورفع حاجبه الكثيف مرحبًا ومترقبا لسؤالي. "هل قرأت كل هذه الكتب؟" بمجرد ما سمع سؤالي أطلق ضحكة أبانت عن جهورية صوته، واختتمها بالسعال الذي يذكرنا بفعائل الزمان سألني عن اسمي فأجبته ثم قال: "وميض، يظهر عليك أنك لم تقرأ كتابًا من قبل، ما رأيك أن تبدأ بالقراءة وبعد أن تقرأ مئة كتاب سأجيب عن سؤالك".

 

كانت تلك بدايتي مع القراءة، قرأت لأجل ليلى، فإذا بالقراءة تنسيني ذكرها، قرأت في الأدب وفي الفلسفة وفي التاريخ وفي غيرها من المجالات، وجدت نفسي متيّما بمعرفة الداخل أكثر من الخارج، بل لم أكترث للخارج إلا بقدر ما يؤثر ويتأثر بالداخل. محور الكون ومناطه، الإنسان، ذلك المخلوق الذي لا يصفو له حال ولا يهدأ له بال، مع كل صفحة أقرأها كنت أزداد وعيًا بحال البشر، كل مآسي البشر تعود في نهاية المطاف إليهم، حتى الكوارث الطبيعية تبدو وديعة أمام ما يحدث عقبها من استغلال وجشع، لا أظنني قد أحببت البشر يومًا ما، ولكن القراءة غذّت لدي كراهيتي لهم، وطبعًا على رأس البشر أنا، فكل ما قرأت حدثًا يبعث على الأسى كنت أتعمق في نفسي لأتفاجأ أن فيّ من الطباع ما كرهته ومقتّ أهله، وإن دقّت تلك الطباع إلا أنها موجودة، الخطايا السبعة كما يحلو للبعض أن يسميها.

 

...

 

أتممت كتابي المئة بعد عامين، وقد بلغت ثماني عشرة سنة، طبعًا كنت قد وصلت إلى جوابي، أن عدد الكتب لا يهم، فالكتب لديها قدرة عجيبة على التكاثر، والكتاب الجيد الواحد يدفعك دفعًا إلى عشرة غيره بعد ختامه، تظن أنك تملك الكتب ولكنها في الحقيقة هي من تملكك. ذهبت لسوّاح -وهو قيّم المكتبة المسن- لأسمع منه إجابته وأشاركه ما وصلت إليه، فحواراتي معه كانت بسيطة عميقة، لم يكن يتكلف الكلام، ولم يكن يبتكر الأفكار، ولكنه كان يشير إلى استثنائية ما كنت أظنه عاديًا -وهذا ديدن العباقرة-، وصلت إلى المكتبة ولم أعثر عليه، لا بأس، لعله غادر مبكرا.

 

في اليوم التالي وصلتني رسالة ومعها خبر، أما الخبر فهو أن سوّاح قد انتحر... أما الرسالة فهي من سوّاح قد أرسلها قبل انتحاره، وكعادته لم يكن يكثر من الكلام ولكنّه كان يكثف المعاني فيه وعلى غير عادته رمّز وألغز، كتب:

 

"وميض، أرى أنك استعرت كتابك المئة، وغالبا ستختمه قريبًا.

هل تعلم أنني منذ عامين عزمت أن أنهي سياحتي وأنتقل إلى المجهول، ولكنك أتيت يومها وفي عينك ما دعاني لتذكر بداية المشوار.

وعدتك وعدًا أطال مكوثي، وها أنا أقول لك جوابي: نعم قد قرأت كل كتب المكتبة، ولكن بلا ضوء، والقراءة في الظلام يا وميض لا تتيح لك أن تقرأ بين السطور.

وميض، الوعي كارثة الإنسان الكبرى، وأشد آلامه تنبع عنه لا غير، ولكنني أقدم إليك هذه الهدية رمزًا لصداقتنا:

 

اقرأ مستعينًا بالنور يا وميض، وغص فيما وراء الظاهر فبه تستقيم الأمور. أما أنا فقد أعمتني القراءة في الظلام، ومع علمي بوجود الماوراء إلا أنني عجزت أن أصل إليه، واصل يا وميض ولا تتوقف.

 

سوّاح، سطور ما قبل السياحة الأخيرة"

 

الحمدالله أنك لم تكن تلغز هكذا يا سوّاح وإلا لما كنت لأفهمك.

ذهبت للمكتبة في اليوم التالي لأطلب من سوّاح أن يختار لي كتابًا ولكنه كان غائبًا، ظللت أبحث عنها لفترة طويلة بعدها ولكنني لم أجده، يبدو أنه سافر أخيرًا فقد كان دائمًا ما يخبرني أنه يحتاج لأن يرحل.

...

 

 

مع مرور السنين زاد شوقي لوالدي، فالرجل الذي تزيّا بزيه وتحدث بلسانه ليس هو والدي بلا ريب، فوالدي رجل إذا حضر أقام المجلس ولم يقعده، قائد بالفطرة وشهم بالسجية وشجاع بالطبع، أما من يأتينا كل يوم في الساعة السادسة مساءً فما هو إلا شبه رجل خوّار ذليل... رأيته مرة يرجو رئيسه في العمل -وهو شاب لم يجاوز الخامسة والعشرين من عمره- ويتملق إليه بكل عبارات التملق، كان منظرًا يبعث على التقزز. فهمت أن نظرة والدي لنفسه كانت نابعة من نظرة الناس له، فعندما صار في بيئة هو أقلهم هان واستهان بنفسه حتى تلاشت عنه ملامحه العزيزة.

 

الرجل المحاكي -وهو اسم مناسب لشبيه والدي- شديد العصبية في المنزل كأنه رأى مهابة الناس لوالدي فأراد أن يحاكيها بضربه وشتمه، ولم يعلم بأن والدي لم يضرب ويشتم قط، فقد كانت نظرة منه تكفي لإسكات الجموع الغفيرة. والدتي ضاقت صبرًا بالرجل المحاكي، وهربت من المنزل بلا رجعة بعد أن ناولتني حفنة من النقود وقالت: "لقد أصبحت رجلًا يا وميض، أنا فخورة بك"، لم يكن تمثيلها مقنعًا اليوم، فقد كانت محاولاتها البارحة التي تدربت عليها في غرفة الضيوف أكثر إقناعًا.

 

في عام واحد رحل شخصان لهما قدر -متفاوت- من الأهمية في حياتي، سوّاح ووالدتي.

 

...

 

أخيرًا في نهاية عامي الثامن عشر ذهبت للجامعة، نفق الأحلام ومقبرة الحرية، بداية الحياة العملية ونهاية الحياة العلمية. هناك تجدد عهدي بها، ليلى الحسناء وهي في عامها العشرين زادت حسنًا وبهاءً، بعدما رأيتها في الجامعة أيقنت أن الشعراء ما وصفوا غيرها عندما تغنوا بليلى، بالكاد تذكرتني، فأنا وميض أختفي بمجرد إدراكك لي.

 

ليلى لم تكن ذات عقل وقّاد، ولا أقصد بهذا الاستنقاص منها أبدًا، ولكن نظرتها للحياة كانت جذابة جدا، كانت راضية عن نفسها وعن عالمها، ترى أن الخير غالب، وتجزم بأن الغد سيكون أفضل من اليوم، طبعًا أرى أن هذا ضرب من السخف وصورة من أجلى صور السذاجة، ولكنها كانت تناسب ليلى، كانت دافئة ومرحة، المثير للفضول أن طباعها -بمعزل عنها- لا يمكن أن تستهويني، بل إنني أراها نقصًا مزريًا بصاحبها، ولكنها في ليلى كانت أجمل من تزين الأشجار بزهور الربيع.

 

كنّا نتبادل أطراف الحديث لساعات طوال عن كل شيء، كنت أشعر أن الوقت معها يمضي سريعًا بشكل يخيفني، لست معتادًا أن يتسرب الوقت من يدي بهذه الصورة، وبعد عام من المعرفة حصل ما كنت أخشاه، وقعت في حبّها -أو هذا ما أظنه على الأقل، فمن هو واعٍ بنفسه كحالي يصعب عليه الجزم-، صرحت لها بمشاعري وطلبت وقتًا لتفكر بالرد. ثلاثة أيام شعرت فيها بأنني كنت أتشظى لألف قطعة عندما يخطر ببالي أنها ستردني، فإذا بالقطع تلتحم مجددًا وتعود الحياة بأطيب ما كانت عندما أتخيل أنها ستوافقني على مشاعري.

 

بعد أيام الطوفان -كما أحب أن أسميها، فالحياة بعدها مجهولة الملامح- دعتني لحديقة الجامعة بعد انكسار حرارة الشمس وبقاء نورها اللطيف، جلسنا في الحديقة وكأننا لأول مرة نلتقي، شعور غريب موحش، شعور الوقوف على حبل يطل على الجنة والنار، بادرتني بقولها: "وميض لك أن تتساءل عن سبب استغراقي لكل هذا الوقت لأرد عليك، ولكن علة الأمر ليست ما قد يدور ببالك" -لم يكن يدور ببالي غيرها- تنهدت تنهيدة طويلة وأكملت قائلة: "وميض، أخشى أنك محجوب عن نفسك، أنك بلا وعي منك تبحث فيّ عما تفتقده في نفسك" -في تلك اللحظة أضيفت الحيرة على مشاعري آنذاك- "أخشى أنك يا وميض تبحث عن السعادة فيّ بدل من أن تبحث عنها في نفسك، وأنك تحب انعكاس نظرتي للحياة عليك، فاقد الشيء لا يعطيه يا وميض، فمن لا يحب نفسه لن يحب غيره، أنت تبحث عن السعادة في المكان الخاطئ يا وميض، ما رأيك بأن نبدأ بـ" لحظتها اكتشفت أنني لا أتقبل النقد، وأنني لا أحب أن يخلع أحد أقنعتي ليصف وجهي، اعتراني من الغضب ما اعتراني وقاطعتها صارخًا: "ليلى! لا أذكر أنني طلبت منك تحليل شخصيتي، ولم أتوقع منك أنكِ ستدلسين رفضك لمشاعري بكلام عن حب النفس وغيرها من السخافات! ألا يكفي أن سذاجتك هذه حاضرة في كل جلسة وأنا صابرٍ عليها لم أقل شيئًا!" ردت بحزم: "وميض، لو تحدث معي غيرك بهذا الأسلوب لغادرت قبل أن يتم أول عبارة، ولكنني أرجوك أن تهدأ وتسمع مني بدل أن تتدرع بغضب لا مبرر له"... لا أذكر ما قلت بعدها سوى أنني فقدت أعصابي وعلا صوتي وأن ليلى غادرت وأكثر ما أتذكره أن نظرتها لم تكن نظرة غضب، بل نظرة شفقة وأسى...

 

كانت تلك الخيبة على رأس الخيبات في حياتي، أكملت بعدها سنين جامعتي وأنا أستذكر كلام جدتي عن الوحشة... ندرة المشترك، العزلة وسط الناس، عشتها يا جدتي وأنا في عمر الشباب، فماذا تركت يا ترى للمشيب؟

 

...

 

بعد الجامعة وجدت وظيفة مثالية لمن حاله كحالي، أمين مكتبة الجامعة، مسترشدًا بما تعلمته من سوّاح، اليوم أنا أسير على خطاه كما سرت على خطى جدتي في عزلتها، كأن حياتي إعادة ترتيب لحيوات غيري. كلما زادت قراءتي يزداد كرهي لنفسي وللناس من باب أولى، لأن نفوس البشر واحدة، ونفسي شريرة وعلى ذلك فغيري مشترك معي في الشر، خاصة عند النظر في الجرائم وانعدام الأخلاق المنتشر بين الناس يتبين أنني – مع شري وسوء خلقي – من أحسنهم.

 

اسوّدت الدنيا، سوّاح بعد أن سرت في طريقك في الإقامة على الكتب لأعوام أنا اليوم أسير في طريقك في الغوص في الظلام. بين الوقت والآخر أخرج آخر رسائل سوّاح وأعيد قراءتها، لقد ترك لي لغزًا يستحق أن أسعى وراءه، ماذا عنى بالنور؟ والاستعانة به للقراءة بين السطور؟ أين أجد ذلك النور؟ سؤال أرقني، وزاد من وحدتي ووحشتي، فلا مشترك معي فيه... ليلى، ليلى كانت تفهمني.

 

في عامي الخامس والعشرين مرض والدي مرضًا شديدًا خارت معه قواه، ولكن العجيب أنه في حالة وهنه تلك بدأ يعود لوالدي الذي عهدته في القرية، لا أعلم كيف للضعف أن يبعث القوة من مرقدها، ولكن هذا ما حصل. وهو في فراشه ناداني، ثم قال: "وميض، أعلم أنك تراني جاهلًا سكوته خير من نطقه، وأن من هو مثلك في علمك وثقافتك لن ينتفع بالسماع ممن هو مثلي في عقله وعلمه، ولكن اسمع مني ما أقول فإنك لن تجده مسطرًا في الكتب، التعلق بالخارج يخنق الداخل، والتعمق في الداخل يعمي عن الخارج وخير الناس من جمع بين العالمين ورأى بالعينين.

 

والدك انتقل من القرية بجسده ولم يفارقها بقلبه، وفي معركة بين القلب المنعزل والحس المنغمس انتصر الحس وغلبت المدينة بما فيها من شرور، أشباح الأحلام تجيد بيع الوهم، وغالبًا ما يكون بيعها لآجل بعاجل، ادفع الآن على أمل – ضئيل جدا – أن تجني لاحقًا."

 

كلام لم آلف مثله من والدي، حقًا، مثل هذا الكلام لم أقرأه في الكتب، لابد أن أزيد من قراءتي علني أجد كتاب يفصل في الموضوع. بالمناسبة، كان ذلك الحوار هو آخر حواراتي مع والدي، توفي ليلتها، وبكيت عليه قليلًا مع أنني ظننت أنني لن أفعل، فمآله إلى البطن وهو الراحة بعد العناء الذي ما زال أهل السطح يكابدونه.

 

...

 

مع مرور السنين ازدادت وحشتي، ولا أمل لي سوى جمع كلام والدي إلى كلام سوّاح، الداخل والخارج، الظلام والنور، لا أعرف مما سبق إلا الظلام وهو قرين الوحشة ورفيقها، لا يأتي أحدهما إلا بصحبة الآخر، يعم الظلام الأرجاء كموجة سوداء عالية، تقبل في هدوء لتبتلع كل شيء، حتى صرخات الاستغاثة تتلاشى في ثوانٍ معدودة. أظن أن هنالك نور، وأظن أن هذا النور يدفع الظلام ويقشعه، ولكن أين هو؟ بحثت في نفسي مليًا فلم أجده، وبحثت في الناس كذلك ولم أجد سوى ظلام فوقه ظلام.

 

بحكم عملي في المكتبة فإنني أتعامل مع أساتذة جامعيين وفلاسفة في فنونهم وعلومه، كلما أقبل أحدهم سألته عن سر الظلام والنور، وعن الداخل والخارج، وعن الوحدة، كل إجاباتهم لم تشف الغليل، ولم تداوِ ما ألمّ بي من داء الوحدة وكآبة الظلمة... فمنهم من قال أن النور هو العطاء بلا مقابل، ومنهم من وصف الظلام بالسكنى في كهف الأنا، ومنهم من ادعى أن الوحدة هي نتاج الكثرة...

 

لا يحول بيني وبين الذهاب في رحلة مثل سوّاح إلا بصيص أمل معرفة تفوق ما وصلت إليه، نور، علم، أمل مهما كان اسمه إلا أنه يجب أن يكون جوابًا لكل معضلاتي، أن يكون سببًا كافيًا للحياة، أن يعطي الآلام حقها من الجواب وشرعية للوجود، أن ينفي العبثية عن الكون.

 

انتهت مذكرات وميض.

 

...

 

توقف وميض عن كتابته ورفع قلمه وأسند ظهره إلى الكرسي المطل على نافذة لا يرى منها إلا الليل وسكونه، وميض لا يجلس هنا إلا ليلًا ليكتب مذكراته. أطفأ وميض المصباح وأشعل سيجارته وهو يتأمل في الظلام الماثل أمامه في نافذته، وظلّ يتفكر في اسمه، وميض، متى كان الوميض في حياتي؟ كل ما أتذكره آلام ومعاناة، صدمات وصدامات. في ظلام غرفة لا ينيرها إلا لهيب السيجارة ولا صوت فيها إلا لأنفاس وميض واحتراق سيجارته، سقطت دمعة من عين وميض، بلا تعبير منه، لم تعكر تلك الدمعة صفو اللحظة وهدوءها بل كأنها جزء دائم منها، دموع صامتة تأبى أن تشترك في المشهد.

 

ذهب وميض إلى فراشه، وقبل نومه – كعادته – تفقد مسدسه المخبوء في الخزنة التي بجانب سريره، فعمليات السرقة كثرت مؤخرًا، ولوميض أسباب أخرى كذلك.

 

في صباح اليوم التالي نهض وميض، وشرب قهوته التي لا يهمه منها إلا أن تكون سوداء ومرّة، قهوة يعاقب به نفسه على وجوده، تجهز للذهاب للمكتبة، فإحساس المسؤولية تجاه الكتب كان أكبر دواعي استمرار وميض بعمله بكل تفانٍ إلى اليوم، وقف وميض أمام مرآته للمرة الأخير قبل أن يذهب للمكتب، ولكنه – وعلى خلاف العادة - أطال النظر لوجهه، ورأى في نفسه اليوم سوادًا أشد مما ألف، كان وجهه مرهقًا، تذكر وجه سوّاح في آخر أيامه، لا حياة فيه وكأنه في المرحلة الأخير من شيء ما.

 

أخذ وميض نفسًا عميقًا، ثم وضع حقيبته جنبًا ورفع هاتفه وأخبر أحد إداريي المكتبة أنه سيتغيب اليوم لظرف خاص، وفي هذا الاتصال أعلم وميض زميله ذاك بكل مهامّه وأعماله وما يحتاج إليه لتسيير عمل المكتبة. ذهب وميض للخزنة التي بجانب سريره وأخذ منها غرضًا ورتب منزله بطريقته المعتادة وخرج بهدوء دون أن يقفل باب شقته.

 

عادة وميض في المشي التركيز والاتزان، سرعة واحدة، وجهة واحدة، تعبيرٌ واحد، ولكن ليس اليوم... اليوم خرج وميض ماشيًا بهدوء مبتسمًا لكل من يقابله – مع إقراره بكرهه للبشر لشرورهم -، يحيي المارّة ويتأمل في الطرقات والوجوه، بدا وميض مرتاحًا ومطمئنًا، كأنه قد فكّت قيوده وانحلّت عقده.

 

ركب وميض الحافلة المكتظ، وظل يتأمل في وجوههم وتعابيرهم، وجد فيها تفاوتًا، فمن متفائلٍ يعديك حاله، ومن متشائم يرديك مقاله، ومن شاب يرقب المستقبل، وشائب يندب الماضي، تعددت الرسمات واتحدت المادة، الإنسان، وميض كان يستكشف أمرًا لم يعهد من قبل وهو التأمل في الناس على الحقيقة، من حافلة إلى حافلة ومن محطة قطار إلى أخرى تنقل وميض بشكل عشوائي بلا وجهة.

أخيرًا نزل في أحد المحطات ووقف متأملًا في لوحة تبين مسارات القطارات وكأنه قد اختار وجهة له، وبينما هو واقف متأمل جاء إليه رجل مسنّ رثّ الهيئة وناداه: " أيها الشاب المحترم، هل لي أن أطلبك طلبًا بسيطًا؟"

 

"تفضل يا عم" رد وميض.

 

"دلني تكرّما على المسار الذي سينطلق منه القطار المتجه إلى قرية المفتاح، فأنا نجّار عامي لا أحسن القراءة" قال المسن.

 

بعدما نظر وميض إلى اللوحة أخبره عنه وبيّن له أن القطار لن يغادر قبل أربع ساعات من الآن، رد المسن: "لا بأس بالانتظار، فالجو جميل اليوم".

 

قرر وميض أن يجلس مع ذلك المسن، من باب مخالطة نوع جديد من البشر، العوام الجهلة.

 

"لقد أتيت لإنجاز بعض أعمال النجارة لدى أحد الزبائن هنا في المدينة، رجل طيب وكريم، آه، المعذرة، لم أعرفك بنفسي اسمي صافي يا بني، ما اسمك؟"

 

قال وميض في نفسه: "يصف الرجل بالطيبة لأنه أجزل في عطائه... كما هو متوقع من البشر..."

 

"وميض يا عم صافي" رد وميض.

 

"وميض... اسم جميل" سكت صافي قليلًا وهو يتأمل في وجه وميض وتعلوه ابتسامة وديعة، ثم أردف قائلًا: " وميض، ولكن يظهر لي أنك لم تقم بالوميض بعد" ضحك صافي بعدها ضحكة عامّية، أي نقية غير متكلفة ومطلقة غير مقيدة.

 

تغيرت ملامح وميض، غادرت وجهه ملامح الراحة والرضا وعادت ملامح التساؤل والألم وسأل متلعثمًا: "كيف عرفت؟ أعني ماذا تقصد بذلك؟"

 

ابتسم صافي وحرك رأسه مطمئنًا وقال: "عيناك يا وميض تشي بمقدار ما تعيشه من نور وظلمة، فكما تعلم الأعين نوافذ الروح"

 

ليس غريبًا على وميض مثل هذا الكلام، وإن كان سياقه عادة أمور عاطفية وقصص أبطالها العشاق، ولا مكان للنظرات بين وميض وصافي لسرد قصص على هذا المنوال.

 

"عم صافي، أريد أن أسألك أسئلة عجز عن إجابته بحق أساتذة الجامعة" قال وميض ووجهه متضارب المشاعر ما بين إقدام وإحجام.

 

ضحك صافي بصوت عالٍ وقال: "كيف للأمّي الجاهل أن يجيب عن أسئلتكم يا وميض؟! ولكنني رجل مسنّ له خبرة في الحياة، إن كانت أسئلتك عن الحياة فَسل، علّ الحياة علمتني إجابته"

 

"ما هو النور والظلام في حياتنا؟ وما هي الوحدة؟ وكيف للإنسان أن يخرج عنها؟"

 

تنهد صافي، ورفع بصره إلى السماء وهو يحك ذقنه بيده، ثم قال: " سيل من الأسئلة يا وميض... هل كنت تحملها وحدك؟ في الحقيقة يا وميض أن في اسمك العديد من الإجابات، النور يا وميض - أو على الأقل هذا ما أعتقده – هو الحقيقة الجامعة لكل الناس، والظلام هو ملاحظة الفرقة دون الجمعية، أو ملاحظة الجمعية في غير موضعها"

 

غير وميض جلسته وتوجه بكليته لصافي بعد أن سمع منه ما قال.

 

أكمل صافي قائلًا: " لاحظ معي يا وميض أن الأطفال الرضع لا يدركون ما حولهم، يكاد ينعدم اتصالهم بالخارج عقليًا، ومع ذلك فإنهم أسعد الخلق، هم متصلين بالخارج بصورة غير ما يقوم بها الكبار، وتلك الصورة سمحت للسعادة أن تسيطر على طفولتهم.

 

يكبرون ويتعلمون التعاسة، والذي تغير أمران يا وميض، الأول نضج الحواس، والثاني انتفاخ الأنفس.

 

نحن يا وميض ننظر للخارج باحثين فيه عن الحقائق، ولكن أداتنا في ذلك هي حواس مجردة وأنفس مسيطرة، وهذا ما ينتج فهما مشوهًا للحياة.

 

النور موجود في كل مكان، وعندما تصل إليه يضيء لك دروبك لترى الأمور على حقيقتها، والحياة في الظلمة هي مصدر الوحدة، فالوحدة هي ألا يربطك بغير غيرك أي صلة، وكيف تتصل بمن لا تراهم لفرط الظلمة؟"

 

وميض لحظتها علم أن صافي لديه الإجابات، إجابات عن الأسئلة التي قضّت مضجعه وأنهكه روحه، ولكنه لا يفهمه، هو يعلم أن الإجابة أمامه، ولكنه لا يستطيع لسبب ما أن يمتلكها.

 

"وميض، النور موجود في كل مكان وزمان، داخلنا وخارجنا، ولكن ما يحجبنا منه لابد أن ينقشع لنحظى بالنور، وميض هل جربت أن تصرخ مستغيثًا في الظلام؟ لعل الوحيد الذي تقبع بداخله، وأن كل من حولك يرى بالنور ويحسبون حالك كحالهم لتشابه الصور والمظاهر."

 

"عم صافي، أنا العامي الجاهل اليوم، أرجوك بسّط كلامك لأفهمه" قال وميض راجيًا.

 

"كلامي واضح ومبسط، ولكن مثله لا يفهم إلا عندما تذوق بعضه، هل تريد ذلك يا وميض؟ هل أنت مستعد لأن ترى النور؟ من اسمه وميض يجب أن يكون ومضة منيرة تقشع الظلمات المتراكمة عن نفسه أولا ثم عن غيره"

 

...

 

بعد ذلك اليوم الغريب عاد وميض لمنزله وأعاد شيئًا للخزنة التي بجانب سريره وهمس لنفسه قائلًا: "تبين أن للقصة فصولًا أخرى"، اتفق وميض مع صافي أن يعمل معه في أعمال النجارة في المدينة للأشهر القادمة مقابل أن يريه صافي النور. طلب صافي من وميض أن يتوقف عن القراءة لفترة، وأن يتأمل في وجوه الناس وتعابيرهم ما استطاع، أن ينسى نفسه وينشغل بغيره، أن يفهم بلا تعليق، أن يعيش سعادة السعداء دون أن يحكم على أسباب سعادتهم، أن يشعر بالامتنان لمن يقدم له قهوته في مقهاه، وأن يتبرع بكل ما يزيد عن حاجته.

 

رحلة غريبة المعالم، غايتها وفق ما قال صافي أن تزيل الحجب عن الداخل، حتى تستطيع أن ترى الخارج على حقيقته.

 

مرة من المرات، كان صافي ووميض في حديقة عامة في وقت يبلغ الزحام فيه أشده، التفت صافي إلى وميض وقال له: "وميض، هل تشعر بحاجة للبكاء؟ هل تشعر أن الظلام يخنقك؟ ابكِ يا وميض عل البكاء يعينك على مشوارك" تفاجأ وميض مما قال صافي ولكنه شعر بأن الظلام غمره بألمه وحزنه لحظتها، وأنه قد سمع إذنًا كان ينتظره طيلة عمره... نهض صافي وترك وميض على المقاعد العامة.

 

بكى وميض بهدوء أولًا ثم علا صوته شيئًا فشيئًا، كان وميض يبكي على كل شيء، على وجوده، وفاة جدته وسوّاح ووالده ورحيل والدته وما جرى مع ليلى... جاءت طفلة لوميض ورأته يبكي فجلست بجانبه وقدمت له الحلوى وهي تحاول تطييب خاطره بأصوات طفولية تحاكي الحديث عن الكبار، ثم لما عجزت عن ذلك بكت هي الأخرى معه، أو بالأحرى لأجله، جاءت أم الطفلة وحاولت تهدئة وميض، جاء رجل واثنان، اجتمع عدد من الناس حول وميض وأعينهم مملوءة حزنًا على حاله، كان ذلك الموقف فاصلًا مهمًا في حياة وميض، علم فيها أن الناس تتحد على الحقيقة، أنه يمكن لمن لا يعرفك أن يشعر بألمك فعلًا.

 

بدأ وميض يفهم كلام صافي، أن الناس – حتى أهل المدينة – ليسوا أشرارًا، وأن الإنسان يمكنه أن يتصل بالإنسان، وأن الشرور الموجودة هي مظهر من مظاهر الإنسانية، باعتبارها تجليًا لحرية الاختيار، وحرية الاختيار هي التي تعطي أفعال الخير قيمتها.

 

...

 

في ليلة ممطرة كثيرة البروق، جلس وميض مقابًلا نافذته وأخرج مذكراته وكتب:

 

"اليوم، التقيت بها مجددًا بعد سنين، ولكنني شعرت أنني أول مرة ألتقيها فعلًا، ليلى.

 

رأيتها في طريق عودتي من المكتبة، كانت تحميل حقائبها إلى شقتها، سكنت قريبًا مني، أول ما رأيتها علمت أنني لم أرَ منها إلا وجهها ولم أسمع إلا لظاهر كلامها، لعنة الحواس.

 

ساعدتها في حمل أمتعتها، ثم دعتني إلى فنجان قهوة في المقهى المجاور شكرًا لمساعدتي، تأملت فيّ طويلًا ثم قالت وهي متبسمة ابتسامة دافئة ساحرة: " وميض، أنا سعيدة أنك أخيرًا خرجت من نفسك وبدأت بالوميض" ثم تحدثنا كثيرًا وطاب لي الحديث، ويبدو أنني وقعت في حبّها مرة أخرى، ولكن هذه المرة أشعر أنني أحبها فعلًا لا أنني أحب أنها تنسيني نفسي، وتشغلني عن آلامي، متحمس لما سيأتي، وأرجو أن تتاح لي فرصة أخرى للمحاولة معها، فمثلها يستحق أن أداوم على طرق بابه.

 

 

صافي علمني الكثير، علمني أن أتجرد عن نفسي ولا أركن إلى حسّي، وصلت للنور أخيرًا، وددت لو أنني أستطيع أن أخبر سوّاح به، طريق النور أن تعلم أنك جزء من كل، أن معاناتك لم تخلق لك فحسب، أنك لست بالتميز الذي تظنه، أن تعلم أن بينك وبين الناس حبل لا ينقطع، وأن العاقل لا ينسى نفسه ولا غيره، أن تضخم النفس تجعلك تقيس الجموع على نفسك وبذلك فإن حواسك تحجبك عن حقائقهم، وتكتفي في التفرقة بينهم بالحواس والمظاهر.

 

ثم باستصحاب النور استطعت التعرف على الكثير، وأصبحت القراءة فعلًا إنسانيًا يزيد من إنسانيتي، علمت بذلك أن أغلب إجابات من سألتهم كانت صحيحة ومدهشة ولكنني حجبت عنها لفرط أناي.

 

وتخلصت من الوحدة عندما استطعت أن أخرج من كهف نفسي وأسمح لها أن تتواصل على حقيقتها مع غيرها، أن أصنع الروابط.

 

علمت أن الوميض لا يظهر للعيان إلا في ظلام الغيوم، وأنني يجب أن أكون ومضة واحدة طيلة حياتي، لا مجرد ومضات من السعادة المحاطة بالأحزان.

 

صافي صفّاني عن بعض شوائبي، والباقي طريقً يجب لي أن أسلكه.

 

شكرًا جدتي، شكرًا سوّاح، شكرًا أبي، شكرًا ليلى، شكرًا صافي، وأخيرًا شكرًا وميض.

...


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في الساعة الثالثة والثانية والثلاثين دقيقة صباحًا

مسرحية الحياة في هجوم العمالقة - الجزء الأول

حينما كنا لا نحتاج إلى الذكريات