الاكتفاء بإبصار المركب كالغفلة عنه
بصير، اسمي ولعل فيه وصفي كذلك. أستاذ جامعي مرموق، محبوب بين أقراني وطلابي على السواء، أدرس الفلسفة، تحديدا ما يعرف حديثا بفلسفة اليقظة الذهنية، هراء يتعلق بالوعي بالنفس واللحظة وما إلى ذلك. والد لثلاثة أبناء وبنت، كل منهم خير من أخيه، الأكبر طبيب، والثاني يدرس الهندسة، والثالث وأخته توأم كأنهما الشمس والقمر، الفتى هو الشمس وأخته الخجولة هي القمر. بالجملة فإنني رجل جيد، لا ينكر ذلك أحد إطلاقا، سوى شخص واحد... أنا. أنا أعلم أنني لست جيدا، وكل يوم يمر ويظل الناس على ظنهم بأني جيد يزيد من ابتعادي عن ذلك، أنا شرير وسيء بشكل لا يخطر على البال! منذ ثلاثين عاما ولي عادة لا أتخلف عنها، وهي أنني أختلس صباح السبت من فجره إلى ظهره، أمضيه وحيدا بعيدا عن أعين من يعرفني من الناس وأسماعهم، تظن زوجتي وأبنائي أنني أخطط وقتها للمستقبل وأرسم تفاصيل حياتنا، وهذه كذبة أخرى صدقها الناس وزاد بها شري. مالذي أفعله في هذه الفترة؟ عمل الخير الوحيد الذي أفعله في حياتي وهو أنني أدون حقيقتي هذه في هذه المذكرة، علني في يوم ما أتشجع لأنشرها بين الناس، وإن كنت أعلم أن شري يمنعني من ذلك، فأنا شرير جدا علي اللعنات! بداية