أنت مقصود الوجود

كم حياة عشت؟
لدي صديق في العمل يحب أن يسمع الغرائب، لغرابتها، وبما أنني رجل كتب عليه قسرا قدر الغربة الفكرية فإن ما تفلت مني كان يشد انتباهه، فعلم أن عندي ما يشبع فضوله، رغم محاولتي ألا أبتذل الكلام لمجرد إرضاء فضول الناس ولكن للسان أحكامه.

في أحد الأيام تبادلنا على عجالة أطراف حديث عابر، فإذا بي أنطق بأمر تعجب من علمي به، فقلت: قد علمت فيه في أحد حيواتي، توقف لوهلة ثم سأل: بهذا المعنى، كم حياة عشت؟

عددتها على عجل ثم أجبت: سبع حيوات.


...

لو تحدثت عما عشته لما اتسعت له مقالة ولا مداد قلم، ولكنها ومضات.

في أحد حيواتي السابقة كنت متيما بالأغاني الأجنبية، ولكن على عادتي في الإغراب لم أستحسن إلا النادر البديع، ما اجتمع فيه المعنى والمبنى، ومنها فرقة أحببته اسمها Sleeping at last وكسرا لعادة العرب أترجم الاسم إلى: الرقاد أخيرا، كانت لهم أغنية جمعت المحاسن اسمها: Saturn أي زحل، ولكوكب زحل دلالاته عند الشعوب والحضارات العتيقة، التي تتسق مع كلمات الأغنية.

من تلك الدلالات النهاية والموت، الذي ما هو في الحقيقة إلا ذوبان المحدود في اللامحدود، فالعمر وهم محدود يجري في نهر ممتد إلى غير نهاية.

في أسفل المقالة الكلمات كاملة للتأمل، ولكن سأقف عند بعضها مما يعاود زيارتي وإن انقطعت عن الأغنية لسنوات طوال.

تأمل إلى قوله:
"And how rare and beautiful it is to even exist

أن وجودك ذاته معجزة ساحرة!"

بهذه الكلمات الوجيزة، في سياق الدهشة والانبهار يعيد تذكيرنا بإعجاز الوجود، نعم، وجودك في حد ذاته معجزة ناتجة عن مليارات التقديرات المتتالية التي انتظمت في خيط واحد دقيق ليثمر وجودك أنت وحدك! لو تغيرت قيد أنملة لما أخرجت من العدم.

يكاد الكون يخلق لأجلك، كي توجد في هذه اللحظة الفارقة! أنت مقصود الوجود من وجه ما، ألا يكفيك ذلك دهشة؟

ثم في نقطة أخرى يقول مكملا للمعنى:
"That the universe was made just to be seen by my eyes

أن العالم لم يخلق إلا لتراه عيناي!"

كأن معجزة الوجود لم تنقطع بمجرد خروجك من العدم، بل استمرت لتفتح عيناك على نافذة الوجود الرحب، كل ما فيه خلق لأن تتأمل فيه، سماء مرصعة بالنجوم، وأرض متخمة بالكنوز، جبال راسيات ملونة، وبحار سخية، وغابات كثيفة.


أنت يا أيها القارئ قدر الكون، والكون قدرك.

وتحسب أنك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر.

...



You taught me the courage of stars before you left
How light carries on endlessly, even after death
With shortness of breath
You explained the infinite
And how rare and beautiful it is to even exist
I couldn't help but ask for you to say it all again
I tried to write it down, but I could never find a pen
I'd give anything to hear you say it one more time
That the universe was made just to be seen by my eyes
I couldn't help but ask for you to say it all again
I tried to write it down, but I could never find a pen
I'd give anything to hear you say it one more time
That the universe was made just to be seen by my eyes
With shortness of breath
I'll try to explain the infinite
And how rare and beautiful it is to even exist
With shortness of breath
I'll try to explain the infinite
And how rare and beautiful it truly is that we exist

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مسرحية الحياة في هجوم العمالقة - الجزء الأول

أسد أسد لا أسد

مسرحية الحياة في هجوم العمالقة – إرين ضحية وجودية سارتر