حينما كنا لا نحتاج إلى الذكريات
يقال أن الثقب الأسود الذي يبتلع كل شيء ما هو إلا تقلص جرم ضخم النية لأحجام غاية في الصغر، فيكسر بذلك قوانين الطبيعة ويصبح فجوة لا تشبع. الليلة شهدت ثقبًا أسودًا... بعد طول غياب - والأحباب قصير غيابهم طويل - اجتمعت بأصدقاءٍ وخليل في جلسة حفت بالأنس. أتى خليلي وصديقي - المتغير - في حلل سوداء، وهذه أول مرة تزف البشائر في السواد، المدهش أن الوداع انطوى في عناق الترحيب. كنا إذا اجتمعنا نكر بأطوار المجلس الخمسة، ترحيب وحفاوة، تعقبها آخر أخبارنا، ثم ما يكمن وراء الأخبار مما يغيب عن كل مجلس لا صديق فيه، ثم صمت وملل لطول الجلسة، أخيرا ذروة الأنس وغايته والتي يقطعها ختام مقتضب لا يعد طورًا حتى لتداخله في الذروة. ساعات اللقاء الطويلة - التي لا ندم فيها ولا حسرة، فما لم يقل اليوم سيقال غدًا أو بعده، وكل شيء يحتمل التأجيل والإطالة ولا بأس - أمست معدودة على أصابع اليد الواحدة، هنا وهنا فقط ينضغط الزمان لينتج ما سماه العلماء - أنا - بانقباض الزمان. العجيب في حالة انقباض الزمان أن كل شيء فيه يتحدث بأفصح الألسن، بل حتى العجمة تمسي معبرة، النظرات والتنهيدات والحركات والسكنات والإشارات وغيرها. طبعًا هذ