وميض
قيل قديمًا "أشأم من طويس" بيانًا لشدة الشؤم، وفي حالتي فيصح أن يقال: "أكأب من وميض"، أنا وميض. أكتب لكم اليوم قصتي مستعجلًا قبل أن تغلبني الكآبة واليأس فيخرّ عزمي ويتفلت قلمي. وميض، اسم سمّاني إياه والدي متفائلًا بوميض البروق الواشية بالمطر والخيرات، اسم على مسمى، لطالما كانت حياتي عبارة عن ومضات، ومضة تلو الأخرى، حالي كحال السماء الممطرة، سواد قاتم تتخلله بعض الومضات، ولكن لأنني ابتليت بكوني إنسانًا فإن كل ومضة تقبل أتمسك بها وأخالها ستدوم ولكأنها الشمس بعد انقشاع الغيوم، ثم ما إن ألفظ مظلتي وأفتح نافذتي مستقبلا أشعة الشمس التي أمِلتُها إلا لأفاجأ بأن الظلام الدامس حل مجددًا. مقدمة تبعث على الكآبة، نعم بلا ريب، فكما يقول المثل -الذي ابتكرته أنا-: "أكأب من وميض". ثمانية وعشرين عامًا مضت، نبدأها من الطفولة. ... عندما كنت في الحادية عشر من عمري بدأت رحلتي مع فرط التفكير، كان سؤال مثل: ما هي مادتك المفضلة يثير حيرتي وأظل أتأمل فيه لأسابيع حتى أصل لجواب مقنع لنفسي أولا ولغيري، ولكن مشكلة فرط التفكير ليست هنا، بل في أن مفرط