ظله الواسع
الحديث عن والدي يحتاج كتابا كاملا، ولعل ذلك يكون يوما ما، فهو والله مدرسة خير وفضل يندر أن يوجد لها مثيل، لا أزعم كماله وتعاليه عن العيوب البشرية، بل ذلك ما يرفعه مكانه العالي، أنه بدأ في بيئة دمرت أغلب أقرانه، شظف العيش لأبعد درجة، ووحدة في طريق الحياة لظروف عديدة، صعاب هنا وهناك تقسم ظهر الصناديد من الرجال، ولكنه واصل... ثم واصل ثم واصل. أرادنا ألا نمر بما مر به من صعاب، أرادنا أن نكون نجومًا بارزين، أراد لنا كل ما فقده في بداياته وانتزعه انتزاعا في النهايات. اليوم بعد أن أصبحت أمين سره، والأسرار ضعف علمت أنه كان يخاف عندما كان يوفر لنا الأمان، وكان يضعف عندما يمدنا بالقوة، أنه -حقيقة- كان إنسانًا لا رجلا خارقا، ولكنه نجح أن يبدو لنا كذلك، أنه كان يتمزق ألما ولا يظهر منه إلا صلابة وقوة، أن كل ما رأينا هو الوجه الحسن من الحياة، أما وجهها الآخر فقد كان يعيش وحده لألا نظن حتى بوجوده. جزاه الله عنا كل خير. الحقيقة أنني بدأت الكتابة لأذكر خصلة واحدة ولكن الكلام جر بعضه، لا بأس، لنعتبر ما سلف مقدمة أطول من المتن نفسه ونكمل، هذه الخصلة الجميلة التي لم أرها في غير الوالد هي أنه لو ذهب إلى مك...